الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقرأ الباقون وعبد الطاغوت ولهم في ذلك حجتان:إحداهما النسق على قوله من لعنه الله وعبد الطاغوت والطاغوت هو الشيطان أي أطاعه فيما سول له وأغواه به والثانية أن ابن مسعود وأبيا قرأا وعبدوا الطاغوت حملا الفعل على معنى من لأن من واحد في اللفظ وجمع في المعنى فقراءة العامة على اللفظ وقراءتهما على المعنى كما قال ومنهم من يستمعون إليك على المعنى ثم قال ومنهم من ينظر إليك على اللفظ.{وإن لم تفعل فما بلغت رسالته 67}قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر فما بلغت رسالاته على الجمع وحجتهم أنهم جعلوا لكل وحي رسالة ثم جمعوا فقالوا فما بلغت رسالاته.وقرأ الباقون رسالته وحجتهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله جل وعز أرسلني برسالة وأمرني أن أبلغها الخبر ثم تلا الآية.{وحسبوا ألا تكون فتنة 71}قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحسبوا ألا تكون بالرفع أي أنه لا تكون فتنة كما قال في موضع آخر أن لا يقدرون أي أنهم لا يقدرون على شيء فهي مخففة من أن.وقرأ الباقون ألا تكون نصبا ونصبه ب أن ولا تفصل بين العامل والمعمول فيه كقولك أحب أن تذهب وأحب ألا تذهب وحجتهم قوله وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله كل هذا نصب ب أن لا ولما أجمعوا على إحداهما واختلفوا في الأخرى رد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه.واعلم أن أن تدخل في الكلام على أربعة أضرب:1- أن الناصبة للفعل وهي التي ذكرناها تقول أريد أن تخرج.2- والثاني أن الخفيفة عن أن الثقيلة كقول الأعشى:
أراد أنه هالك.3- والموضع الثالث أن تكون بمعنى أي كقوله أن امشوا معناه أي امشوا.4- والرابع أن يكون للتوكيد كقوله ولما أن جاءت ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان 89قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر بما عقدتم بتخفيف القاف أي أوجبتم.وقرأ الباقون عقدتم بالتشديد وحجتهم ذكرها أبو عمرو فقال عقدتم أي وكدتم وتصديقها قوله ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها والتوكيد هو ضد اللغو في اليمين واللغو ما لم يكن باعتقاد وأخرى وهي جمع الأيمان فكأنهم أسندوا الفعل إلى كل حالف عقد على نفسه يمينا والتشديد يراد به كثرة الفعل وتردده من فاعليه أجمعين فصار التكرير لا لواحد فحسن حينئذ التشديد.وحجة التخفيف أن الكفارة تلزم الحانث إذا عقد يمينا بحلف مرة واحدة كما يلزم بحلف مرات كثيرة إذا كان ذلك على الشيء الواحد ولأن باب فعلت يراد به رددت الفعل مرة بعد مرة وإذا شددت القاف سبق إلى وهم السامع أن الكفارة لا تجب على الحانث العاقد على نفسه يمينا بحلف مرة واحدة حتى يكرر الحلف وهذا خلاف حميع الأمة فإذا خففت دفع الإشكال.وقرأ ابن عامر بما عاقدتم بالألف أي تحالفتم فعل من اثنين.{ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين 95}قرأ عاصم وحمزة والكسائي فجزاء منون مثل رفع وقرأ الباقون فجزاء مثل مضافا فمن رفعهما جميعا فرفعه على معنى فعليه جزاء مثل الذي قتل فيكون مثل من نعت الجزاء قال الزجاج ويجوز أن يرتفع جزاء علىالابتداء يكون مثل ما قتل خبر الابتداء فيكون المعنى فجزاء ذلك الفعل مثل ما قتل ومن خفض أراد فعليه جزاء مثل ذلك المقتول من النعم.وقال الآخرون إذا نون فكأنه قال فجزاؤه عليه ثم فسر فأبدل مثل من الجزاء وإذا أضيف فكأنه قال فجزاء مثل المقتول واجب عليه أي فداؤه.واختلف العلماء في تأويل هذه الآية فذهب الشافعي أن الرجل.إذا اصاب صيدا وهو محرم في الحرم يجب عليه مثل المقتول من الصيد من النعم من طريق الخلقة لأن القيمة فيما له مثل ذلك أن الرجل إذا اصاب صيدا وهو محرم في الحرم يحكم عليه فقيهان مسلمان وهما اللذان ذكرهما الله جل وعز يحكم به ذوا عدل منكم فيقولان له هل أصبت صيدا قبل هذا فإن قال نعم لم يحكما عليه وقالا الله ينتقم منه وإن قال لا حكما عليه بمثل ما أصاب إن أصاب حمار وحش فعليه بدنة وإن أصاب ظبيا فعليه شاة والذي يدل على مذهبه قوله فجزاء مثل المعنى فجزاء ذلك الفعل مثل ما قتل والمثل في ظاهره يقتضي المماثلة من طريق الصورة لا من طريق القيمة.ودليل آخر قد قلنا إن قوله فجزاء رفع بالابتداء ومثل خبره أو بدل منه أو نعت وإذا كان بدلا منه أو مبتدأ يكونان شيئا واحدا لأن خبر الابتداء هو الأول إذا قلت زيد منطلق فالخبر هو نفس الأول وكذلك البدل هو المبدل منه وكذلك النعت هو المنعوت.ودليل آخر أنه قرنه بالنعم فقال فجزاء مثل ما قتل من النعم فدل على أن ذلك يعتبر فيه الخلقة لا القيمة.ومذهب أبي حنيفة أنه يقوم الصيد المقتول قيمته من الدراهم.ثم يشتري القاتل بقيمته فداء من النعم ثم يهديه إلى الكعبة واستدل على هذا بقراءة من قرأ فجزاء مثل مضافا أي فعليه جزاء مثله او جزاء مثل المقتول واجب عليه ووجه الدليل في هذا أنك إذا أضفته يجب أن يكون المضاف غير المضاف إليه لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه قال فيجب أن يكون المثل غير الجزاء.قرأ نافع وابن عامر أو كفارة غير منون طعام خفض.وقرأ الباقون كفارة منون طعام رفع وحجتهم أن الطعام هو الكفارة فلا وجه لإضافتها إلى نفسها والشيء لا يضاف إلى نفسه.وحجة من أضاف قوله إن هذا لهو حق اليقين فأضاف الحق إلى اليقين وهما واحد والشيء يضاف إلى نفسه وقال ولدار الآخرة ومذهب الفراء إنما جاز أن تضاف الكفارة إلىالطعام لاختلاف اللفظين.{جعل الله الكعبة البيت الحرام قيما للناس 97}قرأ ابن عامر قيما للناس وهو مصدر قام يقوم قياما وقيما وحجته قول حسان بن ثابت: وقرأ الباقون قياما للناس أي صلاحا لدينهم وأمنا وهما مصدران من قام والأصل فيه قواما تقول قاوم يقاوم مقاومة.وتقول قام يقوم قياما فإذا اعتل الفعل اعتل المصدر وقاوم ليس بمعتل فلذلك لم يقل قواما وليس لك أن تقول قياما كان في الأصل قواما فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها لأنه ينعكس عليك بقولك صوان وخوان.{فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليه الأولين 107}قرأ حمزة وأبو بكر من الذين استحق بضم التاء الولين على الجميع قال الفراء كان ابن عباس أيضا يقرأ الأولين يجعله نعتا ل الذين وحجته ما قاله ابن عباس قال أرأيت إن كان الأوليان صغيرين كيف يقومان مقامهما.قرأ حفص من الذين استحق بفتح التاء الأوليان على التثنية والأوليان رفع ب استحق المعنى استحق عليهم الأوليان رد الأيمان.وقرأ الباقون من الذين استحق بضم التاء عليهم الأوليان وتأويلها الأولى فالأولى والأقرب قال الفراء الأوليان أراد وليي.الموروث يقومان مقام النصرانيين إذا أتهما أنهما قد خانا فيحلفان بعد حلف النصرانيي وظهر على خيانتهما قال ومن قرأ الأولين فهو جمع الأول وهو على البدل من الذين استحق.اختلف أهل العربية في السبب الذي من أجله رفع الأوليان فقال الزجاج رفعهما على البدل من الألف في يقومان المعنى فليقم الأوليان بالميت مقام هذين الخائنين فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وقال آخرون بدل من قوله فآخران فهذا بدل المعرفة من النكرة وقالوا يجوز أن يكون الأوليان خبر الابتداء الذي هو فآخران ويجوز أن يكون الأوليان مبتدأ وآخران خبرا مقدما التقدير فالأوليان آخران يقومان مقامهما.{فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين 11}قرأ حمزة والكسائي إن هذا إلا ساحر مبين بالألف وكذلك في يونس وهود والصف دخل معهما عاصم وابن كثير في يونس وحجتهم إجماع الجميع على قوله فقالوا ساحر كذاب.وقرأ الباقون إن هذا إلا سحر مبين وحجتهم قوله إن هذا إلا سحر يؤثر وقوله سحر مستمر وأخرى ذكرها اليزيدي عن أبي عمرو فقال ما كان في القرآن مبين فهو سحر بغير ألف وما كان عليم فهو ساحر بالألف فكأن أبا عمرو ذهب إلى أنه إذا وصفه بالبيان دل على أنه عنى السحر الذي يبين عن نفسه أنه سحر لمن تأمله وإذا نعت ب عليم لم يجز أن يسند العلم إلى السحر فجعله لفاعل السحر والسحر عنده أوعب معنى لأنه يدل على فاعله والساحر قد يوجد ولا يوجد معه السحر والسحر لا يوجد إلا مع ساحر.{إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربكم أن ينزل علينا مائدة من السماء 112}قرأ الكسائي هل تستطيع بالتاء ربك نصب أي هل تقدر يا عيسى أن تسل ربك لأنهم كانوا مؤمنين وكانت عائشة تقول كان القوم أعلم بالله من أن يقولوا هل يستطيع ربك إنما قالوا هل تستطيع ربك وحجته قوله قبلها وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا والله تعالى سماهم حواريين ولم يكن الله ليسميهم بذلك وهم برسالة رسوله كفرة قال أهل البصرة المعنى هل تستطيع سؤال ربك فحذف السؤال والقى إعرابه على ما بعده فنصبه كما قال واسأل القرية أي أهل القرية وقرا الباقون هل يستطيع بالياء ربك أي هل يستجيب لك ربك إن سألته ذلكما كما يقول القائل لآخر أتستطيع أن تسعى معنا في كذا وهو يعلم أنه على ذلك قادر ولكن يريد السعي معنا فيه وإنما أرادوا بذلك أن يأتيهم بآية يستدلون بها على صدقه وحجته قول عيسى لهم اتقوا الله إن كنتم مؤمنين استعظاما لما قالوه فقالوا نريد أن نأكل منها 113 الآية.{قال الله إني منزلها عليكم 115}قرأ نافع وابن عامر وعاصم قال الله إني منزلها عليكم بالتشديد من نزل ينزل.وقرأ الباقون منزلها بالتخفيف وحجتهم قوله قبلها: {ربنا أنزل علينا مائدة من السماء 114}{قال الله هذا يوم ينفع الصدقين صدقهم 119}قرأ نافع هذا يوم ينفع الصادقين المعنى قال الله جل وعز هذه الأشياء وهذا الذي ذكرناه تقع في يوم ينفع الصادقين أي هذا الجزاء يقع يوم نفع الصادقين.وقرأ الباقون هذا يوم بالرفع هذا رفع بالابتداء ويوم خبره أي هذا اليوم يوم منفعة الصادقين فإن سأل سائل فقال لم أضفت اليوم إلى الفعل والفعل لا يدخله الجر وعلامة الإضافة سقوط التنوين من يوم فالجواب عنه أن إضافة أسماء الزمان إلى الأفعال في المعنى ومعناه أنك تضيف إلى المصادر التقدير هذا يوم نفع الصادقين وكذلك قوله يوم تبيض وجوه أي يوم ابيضاض الوجوه ويوم اسوداد الوجوه وإنما أضفناه إلى المصادر. اهـ.
|